يقول أحد الآباء :
ابني منذ نعومة أظفاره و مستواه الدراسي بين الستين والسبعين بالمائة ,وفي الصف الرابع الإبتدائي كنت أضغط عليه كثيراً ليتفوق ، و في كثير من الأوقات كانت أمه تقارنه بزملائه و إخوته و أقاربه..
لدرجة أنه تأزم نفسياً و بدأ يكلم نفسه كثيراً و يبكي و هو نائم ، و مر المسكين بحالة اكتئاب شديد..
و ذهبنا لأكبر طبيب نفسي و اشتكت أمه للطبيب قلة حفظ ولدنا ، فأعطانا الطبيب دواء لتقوية الذاكرة ، تسبب لاحقاً في تكوين ماء على المخ.
و ذات يوم أحسست أننا نقود ابننا نحو الجنون ، نريد أن نحقق فيه حلم التفوق الدراسي فقط ، كأننا نطلب من حصان أن يمشي بسرعة القطار ، أحسست أن ابني بدأ يضيع مني ، فقررت تغيير طريقتي القاتلة معه و فعلت الآتي :
�ذهبت لزيارته في المدرسة ، و استأذنت من المدرس أنني أريد أن أقول كلمة لإبني أمام زملائه ، و وقفت أمام التلاميذ و ناديت على ابني ليقف بجواري ، و أحطته بذراعي ، وقلت لزملائه : اسمعوا يا شباب ، هذا ابني ، و أنا أحبه كثيراً و هو يجتهد كثيراً و يذاكر، مهما كانت درجاته قليلة فحبه في قلبي كبير ، و مهما فعل فهو ابني وحبيبي.
من اليوم سأطبق عليه القاعدة التي تقول ( على المرء أن يعمل و ليس عليه إدراك النجاح )
ومن اليوم إن ذاكر وكان الأول فهو ابني و حبيبي ، � و إن ذاكر و رسب فهو ابني و حبيبي ، أريد أمامكم أن أتأسف له عما فعلته معه فيما مضى ، و قبلت رأس ابني أمامهم ، وانهمرت الدموع من عيني ومن عينه ، وأخذته في حضني وصفق جميع تلامذة الصف ، وعدت يومها إلى البيت مرتاحاً ، وعاد ولدي سعيداً …
وقال لي :لقد رفعت رأسي اليوم يا أبي ، لقد قال لي زميلي الأول على الفصل : (ليت لي أبا مثل أبيك)
ومرت الأيام و أنا أطبق قاعدة …
على المرء أن يعمل و ليس عليه إدراك النجاح و جاءت امتحانات الشهر الأول و التزمت بالقاعدة مع ولدي ، وبمرور الوقت بدأ يطمئن في نومه ، و توقف عن الكلام مع نفسه و اختفى عنه التبول اللاإرادي الذي كان عنده ،
لقد تحسنت و هدأت نفوسنا من حوله ، و لكن مستواه الدراسي لم يتحسن ، ونحن نقبله اليوم كما هو لأن هذه هي قدراته .
�ونصيحتي لكل أب بعد تلك التجربة :
لا تضغط على ابنك كثيراً ، فربما يتعب نفسياً فتنفق في علاجه كل ما تملك ليعود طبيعياً كما كان و قد لا تنجح ..
استمتع بإبنك كما هو ….
و لنعلم أن هذه من الأرزاق التي تقسم بين البشر و يختلفون و يتفاوتون فيها
فهم يتفاوتون في :
قوة سرعة الحفظ..
قوة سرعة الذاكرة..
قوة سرعة الفهم…
فكل سريع في نقطة و بطيء في نقطة أخرى
وقد يكون بطيء فيها كلها
لكن يتمتع بصحته جيدة …
لديه قوة سمع و قوة بصر وهكذا …..
لذلك قسم منهم يتفوق بالدراسة و العلم و الحفظ و قسم يتفوق بالعمل …..
مهم جداً
لا تضغطو على أبنائكم فهذه الحياة نعيشها مرة واحدة استمتعوا بابنائكم